(1)
تتضمن الاختبارات الدراسية نوعين من الأسئلة هما: الإجبارى والاختيارى.. ومهما جاوب الطالب على أى عدد من الأسئلة الاختيارية، ومهما كانت جودة إجاباته، فإنه لا يعتبر ناجحاً ما لم يجب على السؤال الإجبارى، هذا ناهيك عن ضرورة أن تكون الإجابة صحيحة.. واقع الحال أن جميع المصريين، ومنذ 25 يناير، أمام اختبار تاريخى فارق.. اختبار تتعدد فيه الأسئلة كى تناسب كل المستويات، حيث تتنوع بين السهل والمتوسط والصعب، وبين الأسئلة الاختيارية والإجبارية.. يا ترى ما هو الحصاد النهائى- حتى تاريخه – للإجابة عن الأسئلة المطروحة: السهلة والصعبة والاختيارية والإجبارية؟
(2)
يبدو لى أننا ومنذ حراك 25 يناير نجتهد فى محاولة الإجابة النموذجية عن أسئلة الامتحان.. ولكن عن أى أسئلة نجيب؟.. ظنى أننا نركز فى أن نجيب عن كل ما هو اختيارى.. وأننا لم نجب بعد على السؤال الإجبارى الذى لا مفر من الإجابة عنه، لأنه السؤال الذى يعبر بنا إلى النجاح.. ولا نجاح بغيره.. فما هو هذا السؤال الإجبارى الذى نلتف حوله جميعاً ولا نريد أو نؤجل الإجابة عنه؟
(3)
أظن، أن المسألة الاقتصادية / الاجتماعية هى الملف المسكوت عنه، والمسألة التى لا نريد أن نقاربها بشكل جذرى.. كما لا نريد أن نتفهم أسبابها وطبيعتها، ولماذا استفحلت للدرجة التى باتت فيها مصر تشهد اعتصامات واحتجاجات يومية متنوعة (أكتب هذه السطور وهناك احتجاجات واعتصامات لسائقى النقل العام، والأطباء، وموظفى كل من: الشهر العقارى ومكاتب البريد،.. إلخ).
(4)
وعليه، فإذا كانت عملية التحول الديمقراطى قد حكمت أن نضع دستوراً استجابة لحراك وتمرد شعبى.. فإنه لن يكون فاعلاً، وستظل هناك فجوة بين النص والواقع، أو يبقى دستوراً من ورق، ما لم نفهم طبيعة علاقات القوة فى المجتمع.. وما هى «القوة المانعة» من تحقيق العدالة والمساواة للمصريين.. فلم يعد كافياً حل المسألة بحلول ذات طابع مالى أو نقدى.. واستعادة سياسات اقتصادية ثبت فشلها وكانت عنصراً رئيسياً فى هذا الخروج الاحتجاجى المتوالى.. أو بالدفع فى بناء ديمقراطية تعيد إنتاج نفس المصالح بنفس التحيزات والتصورات والسياسات.. أى أن ما تمت الاستجابة له/ أو الإجابة عنه قد يكون مفيداً فى ذاته، ولكن لن تكتمل الفائدة ما لم نجب عن السؤال الإجبارى فى الامتحان وهو المتعلق بالمسألة الاقتصادية والاجتماعية.. عن مصر مجتمع الخمس، عن مصر الطافية والغاطسة – بحسب رشدى سعيد كما كتبنا الأسبوع الماضى.
(5)
إن غياب رؤية واضحة للتعامل مع المسألة الاقتصادية / الاجتماعية سوف يفاقم يوماً بعد يوم تنامى دورات الاحتجاج الاقتصادية والاجتماعية الطابع، وتزايد الممارسات «العُنفية»، (فى هذه اللحظة التى أكتب فيها المقال علمت باستقالة الوزارة).. إن الإجابات الصحيحة التى أجاب عنها المواطنون عملياً / اختيارياً أى بنضالهم وبإرادتهم الحرة هى التى تتعلق برفض الاستبداد بتجلييه السياسى (فى 25 يناير) والدينى (فى 30 يونيو).. ويبقى السؤال الإجبارى المتعلق بما يمكن تسميته بـ:
«اقتصاد الاستبداد»..