(1)
نواصل معاً شهادات الشباب حول ثورتهم التى أطلقوها فى 25 يناير الأول. تحدثنا من قبل عن «سلطان الشعب» أو حكم المواطنين.. الذى ولد بالحقيقة.. ويتأهب للجولة التالية من المعركة. وأشرنا إلى طبيعة الفعل الثورى فى الأسبوع الماضى فى «أهو ده اللى ثار». واليوم نتابع كيف ضاق الشباب بالواقع وحلموا بالتغيير واستطاعوا أن يقدموا نموذجاً لمصر الجديدة على مدى أيام التحرير الثورية الميدانية.
نستعيد كلمات سارة السرجانى: «ولدت فى عام 1982، أى بعد عام من تولى مبارك الحكم، ولمدة 28 عاما كان هو الرئيس الوحيد الذى رأيت…». وكان حصاد هذه السنوات هو «الفشل» و«الانهيار». فما كان من الشباب إلا أن يتحركوا ويثوروا. ويقول محمود سالم: «هذه ثورة دون زعماء: 3 ملايين شخص اختاروا الأمل بدلاً من الخوف، وواجهوا الخوف بشجاعة كل يوم وكل ساعة ليبقى حلمهم بالحرية حيا وحقيقيا… تخيلوا هذا!».
(2)
وقام الشباب بتأسيس جمهورية التحرير الفاضلة. حلمهم الذى يريدونه بديلا لجمهورية الفشل غير العادلة. وتقول أميرة صلاح أحمد: «أسست جمهورية التحرير مدينة فاضلة، جميلة مثالية، متآلفة، مرحة، جريئة، مثابرة، منظمة، مبدعة، متراحمة. كانت مثالا للكمال. أبدع الثوار فى الأغانى والهتافات والشعر والطيبة. إن كانت هناك طريقة لحشد كل العوامل التى جعلت من التحرير مدينة فاضلة لاختفت مشاكل العالم كله. انهارت كل الحواجز الخاصة بالسن والطبقة الاجتماعية والجنس والدين والانتماءات السياسية، ونمت فى المقابل روح الوحدة الوطنية». ولم يعد من الممكن «اختراق جمهورية التحرير»، التى صارت «محمية طبيعية من قبل مواطنيها الذين عاشوا أياماً وليالى مروعة».
لم تزل أسرار هذه الأيام والليالى لم تعرف – تفصيلاً – بعد. ترويع كان مصدره الطرف الثالث الذى استباح كل شىء لإعادة كل شىء لأصله. ولكن تقول أميرة «لولا المتظاهرون والمعتصمون والشهداء وشجاعة الملايين لما حققنا شيئاً. لم تنطل عليهم الممارسات النمطية «المائعة لتهدئة الثوار بوعود الإصلاح الساذجة».
(3)
ويقول أحمد عبدالمجيد «كانت أياماً جميلة لأنها كانت حقيقية وفاصلة». كانت تمثل اختباراً قاسياً للمصريين فى ظل معارضة تتعدد دوافعها، من الخوف على الشباب من قبل ذويهم، أو لتشابك المصالح مع النظام القديم، أو…إلخ،.. وكان السؤال/ التحدى أمام الشباب هو: «هل نستحق هذا الوطن الذى نبحث عنه؟»
لقد أحسن الشباب وأكدوا أن حلمهم أكبر من كل ما تعرضوا له من بلطجة وقتل وحملات تخوين وعمالة…
وأثبتنا يقول «أحمد»: «إننا نستحقه»…
حلم تحقق، يؤكد «أحمد»: «لأننا نستحقه ولأن هذا الوطن يستحقه.. حلم بأن نبنى هذا الوطن من جديد ليخرج للنور وطناً»..
(4)
جمهورية التحرير الفاضلة، عن الحلم والأمل بالقدرة على التغيير ورسم ملامح مصر الجديدة.. ما الذى جرى إذن.. هل كما قال عابر السبيل المصرى الجميل جلال عامر عن أن «بعض الثورات تزرعها شوارب وتحصدها ذقون (بالمعنى الجيلى وربما الدينى،…)، أو إعاقة الشباب عن تولى أى مهام بعد الثورة لأن المهام مثل مقاعد الأتوبيس مخصصة لكبار السن».
لو كان ذلك صحيحاً فلن يمنع ذلك الشباب من المحاولة المرة تلو الأخرى.. فالثورة انطلقت فى داخل كل مواطن.