«أحلام فترة العزلة: أحلام «دليفرى

(1) «أحلام اليقظة صارت حقائق»؛
كشفت فترة العزلة الأولى التى اضطرتنا الجائحة الفيروسية إلى اللجوء إليها أن زمنا جديدا قد تأكد تأسيسه.. يقوم هذا الزمن الجديد على التواصل بين البشر عبر الشبكة الرقمية.. تواصل يشمل كل مناحى الحياة من: تعليم، وشراء وبيع، وثقافة ومعرفة وترفيه، ومعاملات خدمية وبنكية.. إلخ.

فلقد أصبح كل ما يتعلق «باحتياجات ورغبات العالم»، بحسب عالم المستقبليات «ألفين توفلر» فى كتابه «تحول السلطة» ترجمة لبنى الريدى ـ 1996 يمكن تدبرها عبر الشبكة الرقمية. فلقد أصبح كل شىء قابلا «للانتقال الآنى» عبر الأثير كما بشرنا المستقبلى الذى غادرنا قبل أيام الأستاذ «راجى عنايت» منذ منتصف الثمانينيات.. فكل ما كان يعد من أحلام اليقظة ــ فى الماضى ــ صار حقيقة ملموسة أكثر تعقيدا وتركيبا. والأخطر أن هذه الحقائق لا تثبت على حال، ذلك لأن أحلام اليقظة لم يعد لها سقف، فسرعان ما تؤسس أحلام اليقظة الجديدة/ المتجددة حقائق مُستجدة فائقة الخيال.. فى هذا السياق تجددت الحقول الإبداعية المتنوعة.. والأهم أصبحت متاحة للجميع.

(2) «الإبداع الرقمى بين أيدى الجميع»؛

فى وقت من الأوقات كان الدكتور لويس عوض حريصا على أن يخصص شهور الصيف من كل عام للسفر إلى فرنسا وإنجلترا للاطلاع على جديد الإبداع الفنى والثقافى، كذلك رصد ما يستجد من ظواهر اجتماعية ويعود إلى مصر ليعرض حصاد رحلته على القراء فى مصر من خلال سلسلة مقالات ممتدة. وعُد ما يقوم به «لويس عوض» جهدا كبيرا جدا لأنه يحاول أن يبقى محبى الثقافة على وعى بتفاصيل الحركة الفنية والثقافية ويعيشوا أحلاما إبداعية مختارة بدقة من قبل من اختارها الذى له تحيزاته، وهكذا كان يقوم بهذا الجهد سنويا. وللقارئ أن يتخيل ويقارن كيف أن هكذا جهود كان يقوم بها «لويس عوض» وغيره، فى نقل منتقى من الإبداعات مرة فى السنة وبين «التدفق الجارف» ــ وهو مصطلح إعلامى ــ المتنوع لكل أشكال الإبداع الرقمى: «24 على 24»، أو بلغة العصر 24 ساعة يوميا.. فمن خلال وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة والتوظيفات المؤسسية والفردية لها، والشبكات والقنوات المتنوعة ذات الاشتراكات/ المُشفرة أو المجانية/ المفتوحة، والتطبيقات العديدة التى باتت لا حصر لها وتتزايد بشكل مطرد ومُخيف يكاد يكون يوميا فى شتى المجالات دون استثناء، نستطيع القول ــ يقينا ــ بأن: «الإنسان/ المواطن أصبحت لديه القدرة والفرصة لكى يختار ــ وفق درجة وعيه وانفتاحه ـــ ما يريد أن يعيشه من أحلام إبداعية مثيرة للدهشة وباعثة على التأمل ودافعة إلى التجدد، وأخرى تمنحه متعة مؤقتة وعابرة».

(3) «عالم من الأحلام المُبدعة»؛

ونشير فى هذا المقام إلى شبكة «نتفليكس» التى بدأت فى عام 1997 كشركة لتوزيع الأقراص المدمجة ثم تحولت فى أقل من عشرين عاما إلى إنتاج الأعمال الإبداعية من: أفلام، ومسلسلات، ووثائقيات، وبرامج تليفزيونية، وموسيقى.. إلخ، وتوزيعها عبر الانترنت للمشاهدة عبر الوسائل التقنية المختلفة: التليفزيونات الذكية، والهواتف المحمولة، والحواسب المحمولة والثابتة. كذلك عبر تقنيات التواصل المختلفة مثل: الفيس بوك، والواتساب، واليوتيوب.. إلخ.

ووصل ــ خلال السنوات الخمس الأخيرة ــ عدد مشتركى شبكة «نتفليكس» إلى ما يقرب من ربع مليون مشترك مسجل بصورة رسمية من كل دول العالم ما عدا خمس دول فقط لا تتوفر فيها هذه الخدمة، هذا عدا الزائرين والمستخدمين بشكل مجانى خلال الشهر الذى تقدمه الشبكة مجانا، وبلغ حجم مبيعاتها ما يزيد على 5 مليارات دولار بصافى ربح يقارب المليار دولار.

ويعد أهم إنجاز لهذه النوعية من الشبكات ــ وغيرها ــ أنها تؤمن وصول الإبداعات المتنوعة إلى جميع المواطنين فى كل بقاع العالم بثمانى عشرة لغة، خلقت عالما من الأحلام المبدعة والبديعة تدعونا أن نعيشها بعقولنا ووجداننا لنندهش ونتأمل ونتجدد، خاصة أن هذه الأحلام الإبداعية تنفذ فى ضوء تكنيكات فنية جديدة، ومعالجات معاصرة مبتكرة ــ لنا حديث عنها لاحقا.. أحلام تنتقل للإنسان/ المواطن فى عزلته يختار منها ما يريد من أنغام، وأفلام، تفتح له آفاقا للاطلاع على أقلام عديدة، كما تدفعه أن يعيد النظر إلى العالم دون أى إملاءات.. نواصل أحلامنا الواعية.


طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern