(1) «فكرة فى تغريدة»
شهد العالم فى 2019 حراكا مواطنيا غير مسبوق فى تاريخ الإنسانية. لم يقتصر الحراك على بقعة بعينها بل امتد ليشمل كل بقاع العالم. وفى المقابل أبدع العقل الإنسانى الكثير من الأفكار فى شتى الحقول المعرفية.
إبداعات بلا سقف تتناول كل الإشكاليات. وكعادتنا نهاية كل عام نلقى الضوء على بعض منها. إلا أن هذه المرة سوف ننهج نهجا «تغريديا» مركزا وتنوعا لإلقاء الضوء على أهم أفكار العام والتى جاءت فى عدد من الكتب التى لاقت اهتماما. بدلا من أن نخصص مقالا لكل كتاب.
(2) «اقتصادات جيدة لأوقات صعبة»
«لقد أخذنا على عاتقنا ــ كاقتصاديين ــ ألا نكتفى بدور المراقبة والبحث عن بعد. بل قررنا أن نقترب من الواقع لدراسة أزمات الاقتصاد الراهنة بهدف المساهمة فى بناء عالم أكثر إنسانية».. بهذه الكلمات قدم «إستير دوفلو» و«أبيجيت بانيرجى» ــ اثنان من الثلاثة الذين فازوا بنوبل للاقتصاد هذا العام- كتابهما. ويضيفان أننا نعيش زمنا صعبا لأنه يتسم بالاستقطاب الحاد. ما يؤدى إلى صراعات مدمرة. وعلينا كاقتصاديين ألا نسارع فى تقديم علاجات دعمت الاستقطاب بل علينا أن نقوم بدراسة الواقع دراسة حقيقية من شتى الأبعاد. ثم نحدد العلاجات التى تترجم فى سياسات عامة صائبة تحسن أحوال المواطنين. فى هذا السياق يقومون بدراسة إشكالية الهجرة وخيارها الخطر وآثارها. وضمنا ينقدون الخطاب الترامبى الاستعلائى نحو المهاجرين وما يترتب عليه من سياسات اقتصادية عشوائية.
(3) «النخبة البيضاء وحياة السود مهمة»
من أهم المقاربات التى حاولت فهم الأسباب التى تحول دون احترام البيض لحياة السود. وذلك من خلال ردود أفعال النخبة البيضاء من الحركة التى حملت اسم: «حياة السود مهمة»، خاصة، ومن أحزان السود عموما من العنصرية المتجددة حيالهم. وذلك بتتبع سلوكها وممارساتها المجتمعية والفردية تجاه السود. فلم تزل هذه النخبة البيضاء أسيرة قيم التاريخ العنصرى. وهناك من يتعاطف مع أحزان السود حيال العنف المتنامى حيالهم فى السنوات الأخيرة. ويحاول الكتاب أن يؤسس للعدالة بين الجميع ورفض ما يعرف بسياسات الهوية التى تكرس التمييز.
(4) «بوتين وترامب»
يحظى الرئيسان «بوتين وترامب» بالكثير من الاهتمام. وتتنوع مقارباتهما. ومن ضمن ما صدر حولهما نذكر: أولا: «بوتين فى مواجهة المواطنين: السياسات المحفوفة بالخطر فى روسيا المنقسمة». حيث يقدر الكتاب أهمية زعامة بوتين وقدراته ويدرس الأسس الاجتماعية والسياسية لقوته وماذا فعل من أجل روسيا بعد تفكيك الاتحاد السوفيتى. وبالرغم من نجاحاته الاستراتيجية والدولية إلا أن روسيا الداخل تعانى من الكثير من الإشكاليات الحقيقية فبالرغم من الاحتياطى الوفير من الثروات الطبيعية والنظام التعليمى الرفيع المستوى فإن ذلك لا ينعكس عمليا على العملية الديمقراطية كذلك على حياة الشباب الروس الذين يمثلون قوة مجتمعية مؤثرة تبغى التحرر من ثقافة الأجيال القديمة التى تأقلمت وتعايشت مع استبداد الدولة الستالينية والحزب الواحد. ومن نظام سياسى يبنى حول الزعيم لا المواطنين.. وثانيا: «ترامب العالمى: الشعبوية الأمريكية والصراعات الاقتصادية مع أوروبا وآسيا». حيث يحاول الكتاب شرح بنية الشعبوية الجديدة التى برزت مع رئاسة «ترامب». وهل هى ظاهرة مؤقتة أم باقية معنا لزمن طويل. وما هو مستقبل التجارة العالمية فى ظل الثلاثية القطبية: الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبى، والصين، وغيرهم من الأقطاب البازغة. وأثر مقترحات ترامب الاقتصادية (لا ترقى إلى اعتبارها خططا أو برامج) على الأزمة المزمنة المتنامية، والتى باتت بنيوية ــ الخاصة «باللامساواة» والتى تؤدى إلى «إحباط المصوتين» فى الانتخابات والتى تدفع بانتعاش الشعبوية (ويؤكد الكتاب أيضا على حدة الاستقطاب المجتمعى)، ومن ثم استثمارها سياسيا من قبل الرئيس الشعبوى. ما يكرسها هيكليا. ولكن إلى متى يمكن استمرار هذا الوضع؟.. نواصل مع أفكار 2019.