«بالحجم العائلى» مسلسل رمضانى يقوم ببطولته «يحيى الفخرانى» وميرفت أمين، ومعهما مجموعة من الممثلين الجدد. يناقش المسلسل فكرة بسيطة حول أسرة انفصل عائلها «السفير السابق» عن زوجته «سيدة المجتمع» كى يتحرر من الالتزامات المهنية والتقاليد الاجتماعية. حيث يقرر أن يترك صخب المدينة القديمة متجها إلى امتلاك فندق فى إحدى القرى السياحية الجديدة، ممارسا حبه «للطهى»، مقدما من فندقه عبر وسائل الإعلام المتنوعة أحدث الأكلات.. فى المقابل، تنتقل زوجته لإحدى المدن الجديدة (المغلقة، Gated Communities)،
لاتزال متمسكة بالتقاليد التى تمرد عليها «سيادة السفير»، فى تربية ولديها وبنتيها، بل وأحفادها الذين آلت إليها مسؤوليتهم كاملة للحد الذى لم يعد فيه للأب «السفير السابق» أو «الشيف الحالى»، أى دور فى حياتهم. ومن ثم لا يعرف التطورات التى طرأت على حياة كل فرد من أفراد عائلته.. وفى محاولة من الأب لاستعادة أسرته يشيع أنه مريض ويحتاج إلى أن يكونوا حوله.. تأتى الأسرة استجابة «لكذبة» يظنها «سيادة السفير» كذبة مشروعة، ولكنها تأتى بعد أن تلقن الأم/ الجدة أبناءها وأحفادها- وبصرامة- ألا يتحدثوا عن ظروفهم غير الطيبة التى لحقت بهم جميعا بدرجات متفاوتة.
(2)
فى هذا الإطار، ومن خلال معالجة اجتماعية خفيفة تدور أحداث مسلسل «بالحجم العائلى». ولعل أهم ما لفت نظرى هو أنه يقترب من وضعية الطبقة الوسطى القديمة/ الجديدة: «المتنفذة/ المستقرة» والتى تقترب- بعض الشىء- من الطبقة المركزية المتحكمة (بحسب أحمد موسى بدوى فى كتابه تحولات الطبقة الوسطى) عبر أجيال هذه الأسرة. فنجد المسلسل يرصد ما يلى: أولا: طبيعة العلاقات بين أفراد الأسرة. ثانيا: الوعى الحاكم لسلوكهم واختياراتهم ومواقفهم. فما هو حصاد هذا الرصد بعد مرور اثنتى عشرة حلقة؟
(3)
تنتمى هذه العائلة إلى الطبقة الوسطى القديمة التى استطاعت أن «تتجدد» وتستمر مع حلول زمن الليبرالية الجديدة. وبالرغم من أن الأب يبدو أكثر تحررا ومرونة إلا أننا سرعان ما نجد تحرره ليس عميقا أو متأصلا كما يحاول أن يُظهر. حيث تداعبه قيم «لمة الأسرة»، و«الترابط الأسرى»، «ورعاية الأحفاد»، وتزويج ابنته الصغرى لابن شقيقه الذى يعاونه فى إدارة الفندق بصورة نمطية (الابنة لديها ابن أمرت الأم بإخفاء هذا الأمر عن الأب)... إلخ، قيم ومواقف من المفترض أنه «تمرد» عليها يوما ما. لم يستطع سيادة السفير متابعة الرواية التى ألفها ابنه وحصل عنها على جائزة أدبية معتبرة ويحيلها لواحدة من العاملات عنده كى تلخصها له.. وبمرور الوقت واكتشاف حقائق أوضاع أبنائه وبناته غير الطيبة نجده غير قادر على تغيير الواقع الذى فشلت فى تجنبه الأم عبر سنوات وحاولت تجميله (تم عرض ما يقرب من نصف الحلقات حتى الآن وربما تحدث تحولات جذرية لاحقا).
(4)
المسلسل، تجسيد «بالحجم العائلى» لشريحة من الطبقة الوسطى تدعى التحرر والحداثة، ولكن لم تزل الأفكار القديمة تحكم تصرفاتها. وأن الانتقال إلى الأماكن العمرانية الجديدة التى لاذوا بها، أى «الكومباوند» و«القرية السياحية»، لا يعنى- بالضرورة- تغيرا فى التفكير.. إن التراوح بين ما هو قديم وجديد، والتجمُل، وغيبة الوعى الاجتماعى والسياسى من بؤرة الاهتمام تعكس إشكالية كارثية «من الحجم العائلى» لقطاع اجتماعى.. ربما الإيجابى هو موقف الأحفاد، كجيل جديد رافض لموقف الكبار ومناوراتهم وحيلهم ورغباتهم شديدة الخصوصية.