أسعدنى الحظ أن أكون أحد الذين واكبوا ميلاد «المصرى اليوم» في 2004. وذلك عندما «توسم» الصديق العزيز أنور الهوارى- آنذاك، والذى لم أكن أعرفه معرفة شخصية حيث توطدت علاقتى به لاحقا- أننى يمكن أن أسهم بالكتابة الدورية في الصحيفة الوليدة. وقد كان.. كتبت مقالى الأول حول أي مواطن مصرى نريده اليوم. ودون أن أدرى جاء المقال ليضفر علاقة بين اسم الجريدة: «المصرى اليوم»، والمواطن المصرى. فكانت خلاصة المقال يمكن أن نوجزها في جملة واحدة كما يلى: «المواطن المصرى اليوم».
(2)
ويبدو لى أن أحد أسباب انطلاقة «المصرى اليوم» الكبيرة في عام 2004 هو أنها ارتبطت ليس فقط بالمصريين بالمعنى الواسع، وإنما «بتطلعاتهم» للتغيير الذي بات ملحا. فجاءت لتعبر عن انطلاقات «دورات الاحتجاج» المواطنية المتنوعة: الشبابية، والحقوقية، والعمالية... إلخ. فباتت منبرا لمن لا منبر لهم. لذا وجدنا «الحركية المجتمعية» البازغة: المدنية والسياسية والنقابية والشبابية... إلخ، تحظى بالعناية من «المصرى اليوم». وقد كان لهذا الاهتمام أثره في دفع الكثير من الصحف لتحذو حذو «المصرى اليوم».
فلقد صدرت «المصرى اليوم» في لحظة تاريخية فارقة. حيث لبت حاجة موضوعية لشريحة اجتماعية عريضة وجيلية طالعة تريد أن تعبر عن نفسها سياسيا ومدنيا واقتصاديا من خلال مطبوعة مختلفة ومتحررة من تقاليد الإعلام الموجه وطغيانه. وهكذا واكبت «المصرى اليوم» اللحظة التاريخية. كما استجابت للقاعدة الاجتماعية الآخذة في التشكل- آنذاك- في لحظة توافق وطنى على ضرورة وأهمية التغيير بدرجة أو أخرى.
(3)
وكانت استجابة «المصرى اليوم» واعية بألا تسلك سلوك الصحيفة الحزبية أو تميل للانحياز لتوجه سياسى بعينه. فكانت الخلطة السرية لـ«المصرى اليوم» تتكون من «المهنية العالية والاحترافية، بالإضافة إلى التعبير عن الحركية البازغة المجتمعية متعددة ألوان الطيف».. وبهذا المعنى ارتبطت «المصرى اليوم» بما أطلقت عليه «سنوات الحراك». وأظن، دون مبالغة، أن «المصرى اليوم» قد اكتسبت نجاحها- وشرعيتها- من انحيازها المهنى والوطنى للتعبير عن زخم هذه السنوات منذ 2004 وإلى الآن.
(4)
غبت عن «المصرى اليوم» فترة. ثم عدت بدعوة كريمة للكتابة مرة أخرى في مطلع 2008 وقت الأخ الكريم الأستاذ مجدى الجلاد. وتحديدا في إبريل 2008. ومنذ هذا التاريخ أكتب أسبوعيا ولم أنقطع عن قراء «المصرى اليوم» قط. بالرغم من أن مياها كثيرة جرت خلال هذه الحقبة الزمنية.. أولا من حيث التحول النوعى في طبيعة الحراك من الاحتجاجى إلى التغييرى من خلال حراك 25 يناير 2011 وتمرد 30 يونيو 2013. وثانيا مسؤولية المساهمة في بناء الجمهورية الجديدة وتحديث دولتها. أو ما عبرنا عنه في مقال لنا مطلع يناير 2015 بما يلى: «جمهورية الاستجابة المُبدعة».
كل عام و«المصرى اليوم» والقائمون عليها: صحفيا، واقتصاديا، وإداريا، بخير وسعادة.. وأدعو لها أن تظل وفية للمواطن المصرى دوما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نواصل الحلقة الرابعة من سلسلة مقالات «سلسال الإبداع» في الأسبوع المقبل.