"طرائف لم تعد عجائب"

القراء الأعزاء..كل عام وأنتم بخير..ويعيده الله علينا بالخير والحرية والتقدم وتحسن الأحوال في شتى المجالات..ولتسمحوا لي بمناسبة العيد ألا نثقل عليكم ونقدم بعض الطرائف من الحياة المصرية التي تعكس أحوالنا...

*يا بيه..خليها على الله*

كنت ذاهبا لحضور اجتماع في إحدى النقابات، كان موعد الاجتماع في تمام الساعة السابعة مساءا،

قبل الموعد بربع الساعة تقريبا، كنت أمام مكتب الأمن الذي تلاقيه بمجرد الدخول..سألت الجالس على المكتب عن مكان الاجتماع فقال لي:الدور الرابع..ثم شاور لي على المصعد الذي أستقله ..صعدت عددا من الدرجات القليلة وأصبحت وجها لوجه أمام عامل المصعد الذي ما أن هممت بسؤاله عن مكان الاجتماع حتى قاطعني قائلا:الدور الرابع..فولجت إلى المصعد ودخل خلفي عامل المصعد وكنا وحدنا..ولكن في أقل من لحظة وقبل أن يضغط عامل المصعد على الزر،دخل شاب إلى المصعد وفي لحظة دخوله سأل عامل المصعد "يا فلان هي الشركة جت صلحت الأسانسير ولا لسه"،ووضح أن هذا الشاب يعمل في النقابة،وانه على علم بحالة المصعد بالرغم من حداثة المبنى والمصعد..واقع الحال أن السؤال تم طرحه بعد أن دخل ثلاثتنا المصعد..وكان عامل المصعد لم يزل يحاول تشغيل المصعد الذي أخذ بعض الوقت للصعود كانت كافية أن تحسم أمري وأتجرأ بكل لطف(وخوف) كي أسأل فلان:"هو المصعد عطلان"، فكانت إجابة عامل المصعد،بليغة ومعبرة،حيث قال :"يا بيه خليها على الله"..ولم يترك لي أي فرصة للتراجع عن ركوب المصعد فالنزول يعني فورا وبلا أي مواربة ضعف إيماني بالله..وعليه أجبته على الفور:ونعم بالله اتكل على الله سوق بينا".
إنها قصة تتكرر كثيرا..في شتى مناحي حياتنا وتعكس الكثير من الأمور..إيمان يحول دون عمل الواجب الذي هو من صميم الإيمان..قبول التعرض للخطر دون مبرر موضوعي..غياب الصيانة........الخ.لن أسترسل..ولننتقل إلى طرفة أخرى.

* الكلام ده مش غريب علي!*

هل تذكرون الفنان العظيم فؤاد المهندس(والذي مرت ذكراه السنوية الأولي الشهر الماضي)- الذي أحبه كثيرا لكوميديته الشيك وخاصة مسرحياته الستينية- فدائما أجد تعليقاته التي استخدمها في هذه المسرحيات تتداعى إلى ذاكرتي عندما أواجه بمواقف عبثية الطابع تقترب من المشاهد التي جاءت في هذه المسرحيات...من هذه المواقف/المشاهد..عندما جاء الممثل الكبير عبد الله فرغلي في مسرحية حواء الساعة 12 باكيا بحرقة موت سامي الباجوري(فؤاد المهندس) خاصة أنه كان غائبا عن المنزل ثلاثة أيام كما أنه لم يقابله من قبل لذا لا يعرف شكله،فما كان منه إلا أن جاراه في البكاء..وبعد فترة أخذ يردد فؤاد المهندس:سامي الباجوري أنا سمعت الاسم ده قبل كده..ده أنا...
تذكرت هذا المشهد ثلاث مرات في أوقات متقاربة مؤخرا..المرة الأولى عندما طالعت مقالا عن المواطنة وبحكم الاهتمام أخذت في مطالعته..شجعني أكثر أن كاتبه عميد لإحدى الكليات..وما أن انتهيت من قرأته..أعدت قرأته مرة أخري..وكان لسان حالي الكلام ده مش غريب علي..ده مر على قبل كده..وفجأة قلت ده كلامي أنا...المقال الذي لا يزيد عن 500كلمة أكثر من ثلثه منقول بالحرف من أحد كتبي دون إشارة للمصدر أو لصاحب الفكرة...نفس الموقف عندما وجدت أحد الشباب يكتب مقالا من 1000 كلمة تقريبا منقولة نصا من أحد كتبي، فقط اجتهد في كتابة مقدمة لم تزد عن 25 كلمة و مثلها في الخاتمة..وحدث نفس رد الفعل..وقلت الكلام ده مش غريب على..وفجأة قلت ده أنا...المفارقة أن النص منقول حرفيا دون إشارة بالمطلق لصاحب النص وبنفس الترتيب وبدون أي معالجة من أي نوع...وأخيرا أحد الأشخاص الذين هبطوا على الشأن القبطي في إحدى القنوات التليفزيونية غير معروف أن لديه إنجاز فكري..وجدته يردد كلاما منقول حرفيا من كتاباتي عن المواطنة ثم أعاد توظيفها طائفيا بطريقة التسميع... من دون إشارة للمصدر أيضا.. وكانت ردوده تؤكد أن لديه مشكلة مع اللغة العربية من حيث النطق ومخارج الألفاظ ..وذكرتني طريقته بسعيد صالح في مدرسة المشاغبين عندما تعرض للسؤال من المدرسة فطلب من أحمد زكي أن يغششه قائلا:قول أي حاجة وأنا أقول على طول..أتصور أن كثيرين يمارسون هذا السطو على الأفكار..ومن ثم لابد من وجود معايير موضوعية ضابطة وحاكمة لهذا العبث..وهل يتساوى من يقرأ ويتابع ويأتي بالجديد من نتاجات الفكر ويحاول أن يجتهد بمن يأخذ على الجاهز...

* مفيش.. بس إيه رأيك في النظام؟*

منذ شهرين تقريبا، تعطل تليفون المنزل، فقمت بالاتصال برقم المصرية للاتصالات..تحدثت معي فتاة، ولكن بعد فترة سمعت فيها رسالة مسجلة تفصيلية تطرح أمام المتصل كل الخيارات المحتملة من سؤال عن الفاتورة أو عن الخدمات المختلفة..الخ، وفي نهاية الرسالة ما عليك إلا أن تضغط على الرقم المطلوب..ثم عليك أن تدخل في مرحلة تالية بإدخال رقم الهاتف المعطل..وأخيرا ترد الفتاة لتقول لك طلباتك ،فقلت أن تليفون المنزل عطلان وهذه شكوى وبعد أن تتأكد من أنه لا يوجد أية فواتير متأخرة ...تقول لك انك تتبع سنترال مصر الجديدة وعلى أن أتصل بالسنترال التابع له..قلت هل يمكن أن أحصل على رقم هذا السنترال أو أن تتكرمي بالإبلاغ عن العطل..فكانت الإجابة انه ليس لديها الرقم وأنه يمكن أن أحصل عليه من الدليل.. فكان السؤال المنطقي البسيط البديهي.. ما الخدمة التي حصلت عليها تحديدا بعد هذا الوقت.. وامتد الحوار بعض الوقت حيث تحاول الفتاة إقناعي بان هذا هو عملها وإنها غير مسئولة عن ما هو أكثر من ذلك..وأنا أحاول أن أقول لها إنني لم أحصل على أي خدمة ،فما جدوى تضييع كل هذا الوقت إذا كنا سنصل في نهاية المكالمة إلى نفس النقطة التي بدأنا منها ووجدتني تذكرت نكتة الشخص الذي ذهب يسأل عن دجاجة وبعد أن صعد عدة أدوار حيث كل مرة يتم سؤاله سؤالا تفصيليا حول الدجاجة..وأخيرا وبعد أن بلغ الدور الأخير قال له البائع لا يوجد لدينا دجاج "بس إيه رأيك في النظام".

وبعد، لقد قررت ألا أثقل عليكم في العيد..وأنا متأكد أنه لدى كل منكم الكثير من الطرائف التي لم تعد من العجائب..بل عادية وتعبر عن أحوالنا التي لا......،كل عام وأنتم بخير.


طباعة   البريد الإلكتروني
0
0
0
s2smodern