رفعت الجماهير فى 25 يناير الأول (2011) شعاراً شاملاً نصه: «كرامة إنسانية/عيش.. حرية سياسية/عدالة اجتماعية». ويمثل هذا الشعار فى حقيقة الأمر رؤية وطنية عابرة للأجيال والطبقات والانتماءات الدينية والاختلافات الثقافية توافقت فيما بينها على ضرورة الانقطاع عما سبق من جهة وضرورة الانطلاق إلى المستقبل انطلاقا من هذا الشعار من جهة أخرى. بلغة أخرى عكس الشعار حلماً لجموع المواطنين عن الدولة وطبيعتها وأسسها التى يجب أن تكون فى كلمات «مرورية» (Pass Words) أطلقتها الطليعة الرقمية الشبابية وتلقفتها شرائح اجتماعية عدة. هذه الكلمات المرورية كان من المفترض أن تترجمها القوى السياسية والتيارات الفكرية إلى مشروع متكامل للتغيير يمثل انقطاعا عما سبق لا تواصلا مع ما قبل، تعبر فيه عن مجمل هذا الشعار.. لكن يناير التالى جاء ووجدنا أنفسنا وقد تفكك الشعار/الحلم الثورى.. كيف ولماذا؟
قبل أسبوعين بدأنا نعرض ملاحظاتنا الأولية حول الحراك الشبابى الشعبى الذى انطلق فى 25 يناير 2011، وطرحنا سؤالاً أولياً: هل ما جرى فى يناير الأول «حراك عابر» أم «انطلاقة ممتدة»؟ وخلصنا إلى أنها موجة أولى بحسب ما وصفناها مبكرا سوف تعقبها موجات متتالية متعددة الأشكال ومتنوعة الدوافع، وأنها لن تفتر وإن اختلفت طبيعتها، وبالفعل جاء يناير الثانى حيث اكتشفنا أن مياهاً كثيرة جرت حيث حمل موجة ثانية لكنها تختلف عن الأولى، ما وجه الخلاف؟ ولماذا؟